في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وتساءلات لا حصر لها، يحيط الغموض بصفقة تأجير 438 سيارة مخصصة لتنفيذ الإحصاء العام للسكان والسكنى، والتي بلغت قيمتها 5 مليارات سنتيم. هذه الصفقة، التي كان من المفترض أن تسهم في تسهيل عمليات الإحصاء وتوفير الوسائل اللوجستية اللازمة لتحقيق هذا المشروع الوطني الهام، أصبحت محط انتقادات لاذعة من مختلف الأطراف بسبب غياب الشفافية في إجراءات تنفيذها وعدم وضوح تفاصيلها.
تفاصيل الصفقة والانتقادات الموجهة
كانت الحكومة قد أعلنت عن الصفقة كجزء من التحضيرات لتنفيذ الإحصاء العام، والذي يُعد أحد أهم المشاريع الوطنية لجمع بيانات دقيقة حول السكان وظروفهم المعيشية. ووفقاً للمصادر المطلعة، فإن الصفقة شملت تأجير 438 سيارة لمدة زمنية محددة بهدف تسهيل حركة فرق الإحصاء في مختلف المناطق، بما في ذلك القرى النائية والمناطق الجبلية الوعرة.
ومع ذلك، فإن هذه الصفقة أثارت استياءً كبيراً لدى الرأي العام والمراقبين على حد سواء، حيث طُرحت تساؤلات حول كيفية إدارة هذا المبلغ الضخم، وما إذا كانت هناك حاجة فعلية لتأجير هذا العدد الكبير من السيارات، إضافة إلى الشروط التي تمت بها هذه الصفقة. الانتقادات لم تتوقف عند هذا الحد، بل شملت أيضاً التساؤل عن مدى شفافية عملية التعاقد مع الشركات المقدمة لهذه السيارات، وهل تم احترام معايير المنافسة العادلة والشفافة في اختيار الشركة الفائزة بالعقد.
الغموض يلف مصير الصفقة
حتى اللحظة، لم تصدر الجهات الحكومية المعنية أي تصريحات واضحة تشرح فيها تفاصيل الصفقة، أو ترد على الانتقادات الموجهة إليها، مما زاد من حالة الغموض والقلق حول مصير 5 مليارات سنتيم. هذا المبلغ، الذي يعتبر ضخماً في سياق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، يجعل التساؤلات حول كيفية إنفاقه وإدارته مشروعة، ويزيد من الضغط على الحكومة لتقديم توضيحات عاجلة.
ويرى الخبراء أن تأجير هذا العدد الكبير من السيارات قد يكون مبالغاً فيه، خاصة في ظل توفر خيارات أخرى أقل تكلفة وأكثر فعالية، مثل استخدام السيارات الحكومية المتاحة بالفعل أو التعاقد مع شركات محلية لتوفير خدمات النقل بشكل مؤقت. ويؤكد هؤلاء أن تحقيق الشفافية والمحاسبة في هذه الصفقة هو أمر ضروري لاستعادة الثقة بين المواطنين والحكومة، وضمان استخدام المال العام بشكل سليم.
مطالب بالكشف عن ملابسات الصفقة
مع تزايد الانتقادات، ارتفعت الأصوات المطالبة بالكشف عن تفاصيل الصفقة وضمان محاسبة المسؤولين عن أي تجاوزات أو تلاعب محتمل. وقد دعا العديد من النشطاء المدنيين والجمعيات الحقوقية إلى فتح تحقيق مستقل في هذه الصفقة، ونشر نتائج التحقيق على الملأ لضمان الشفافية ومحاسبة المسؤولين عن أي أخطاء أو تجاوزات.
وفي هذا السياق، طالب بعض البرلمانيين بتقديم استفسارات رسمية إلى الحكومة حول الصفقة، داعين إلى جلسة مساءلة علنية يتم فيها عرض جميع الوثائق المتعلقة بالصفقة ومناقشتها بشكل شفاف. ويرى هؤلاء أن تحقيق الشفافية في هذه القضية هو أمر لا غنى عنه لضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات في المستقبل، ولضمان إدارة المال العام بشكل مسؤول.
الحكومة تحت الضغط
أمام هذا الوضع المتأزم، تجد الحكومة نفسها تحت ضغط متزايد لتقديم إجابات شافية حول الصفقة وملابساتها. وقد أشارت بعض المصادر الحكومية إلى أن الجهات المعنية بصدد إعداد تقرير شامل حول الصفقة سيتم عرضه قريباً على الرأي العام. ولكن حتى صدور هذا التقرير، يبقى الوضع معلقاً ومفتوحاً على جميع الاحتمالات.
ومن المتوقع أن تستمر هذه القضية في إثارة الجدل خلال الفترة المقبلة، حيث سيظل الرأي العام ينتظر بفارغ الصبر توضيحات من الحكومة حول مصير 5 مليارات سنتيم، وكيفية إنفاقها في صفقة تأجير السيارات لتنفيذ الإحصاء العام. وفي الوقت ذاته، يبقى السؤال الأكبر مطروحاً: هل ستتمكن الحكومة من استعادة ثقة المواطنين من خلال الشفافية والمحاسبة، أم ستظل هذه الصفقة نقطة سوداء في سجل إدارة المال العام؟
