في تطور جديد يعكس تدهور العلاقات الجزائرية مع القوى الإقليمية والدولية، أرسلت الولايات المتحدة سفيرتها إلى الجزائر لتوجيه رسالة صارمة إلى النظام الجزائري بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، وسط تصاعد القلق الدولي إزاء سلوكيات النظام واتهامات بالمساس بحقوق الإنسان واستغلال الثروات الطبيعية للبلاد.
واشنطن تُحمّل الجزائر مسؤولية التوترات الإقليمية
لا تنظر واشنطن إلى التصرفات المثيرة للجدل للنظام الجزائري باعتبارها مجرد زلات دبلوماسية يمكن تجاهلها. في الحقيقة، وفقًا لما نُشر من تسريبات حول اللقاء بين الدبلوماسية الأمريكية وكبار المسؤولين الجزائريين، فإن واشنطن ترى في تصرفات النظام الجزائري مؤشرات على "اضطراب ذهني خطير". هذه النظرة ليست بجديدة على السياسة الأمريكية تجاه أنظمة شمال أفريقيا، فقد سبق أن وصفت وثائق ويكيليكس النظام الليبي في عهد معمر القذافي بنفس المصطلحات.
السفيرة الأمريكية أوضحت في اجتماعها مع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر، وأشارت إلى أن الشعب الجزائري لا يستفيد من ثروات بلاده بالقدر المطلوب. وأضافت أن التعاون الأممي الذي تقدمه الجزائر لا يكفي، ويجب أن يتزامن مع خطوات جادة لإحلال السلام وتجنب تصدير التوتر إلى مناطق حساسة مثل معبر رفح.
غضب سعودي من "حياة الماعز": تصعيد جديد في العلاقات الجزائرية السعودية
في السياق ذاته، تفجرت أزمة جديدة بين الجزائر والسعودية بعد أن سمح النظام الجزائري بتصوير فيلم "حياة الماعز" على أراضيه. الفيلم الذي أخرجه الهندي بليسي توماس يتناول قصة رجل هندي يذهب إلى السعودية بحثًا عن حياة أفضل، لكنه ينتهي به الأمر كرجل بلا مستقبل، يرعى الأغنام في ظروف أشبه بالعبودية. الفيلم، الذي يُصوّر السعودية كدولة تخلو من الإنسانية، أثار غضبًا كبيرًا في الرياض، خاصة في ظل الجهود المكثفة التي يبذلها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتحسين صورة المملكة على الساحة الدولية.
الجدير بالذكر أن طاقم العمل الهندي قد تم طرده من الأردن بعد اكتشاف محتوى الفيلم، وكذلك رفضت السلطات المغربية منحهم تصاريح التصوير على أراضيها، إلا أن الجزائر، وبشكل مثير للجدل، رحبت بالفريق وقدمت لهم تسهيلات مالية وصلت إلى نصف مليون دولار.
ردود الفعل: بين صمت وتنديد
في الوقت الذي التزمت فيه إسرائيل ومصر الصمت حيال الأزمة، عكست وسائل الإعلام الأمريكية والسعودية حجم الاستياء من تصرفات الجزائر. وفيما يتعلق بالعلاقات السعودية الجزائرية، وصف المراقبون الخطوة الجزائرية بأنها جزء من "حملة قذرة" ضد المملكة. في المقابل، أجمع الرأي العام السعودي على أن الجزائر بمثل هذه الخطوات تعبر عن حقد دفين تجاه الرياض، وتساهم في تأجيج الخلافات الإقليمية.
خلاصة: الجزائر أمام اختبار دبلوماسي حرج
تظهر هذه التطورات أن الجزائر تجد نفسها في موقف حرج على الساحة الدولية، حيث تزداد الضغوط عليها لتغيير نهجها السياسي والدبلوماسي. في الوقت ذاته، يبدو أن النظام الجزائري، بدلًا من محاولة إصلاح علاقاته مع جيرانه والمجتمع الدولي، يتجه نحو مزيد من التصعيد، مما قد يؤدي إلى عزلة أكبر على الساحة الدولية.
