بن قرينة وتبون: تشابه الأدوار بين الماضي والحاضر في السياسة الجزائرية

data:post.title

 


بن قرينة وتبون: تشابه الأدوار بين الماضي والحاضر

في الساحة السياسية الجزائرية، يبدو أن الأدوار تتكرر ولكن بوجوه مختلفة. فالسياسة ليست فقط إدارة للدولة بل هي أيضًا مسرح تتغير فيه الوجوه، بينما تبقى الأدوار نفسها. ومن بين هذه الأدوار، يظهر دور "الداعم السياسي" أو "المدافع الشرس"، الذي يتبناه اليوم عبد القادر بن قرينة تجاه الرئيس عبد المجيد تبون، بطريقة تذكرنا بالدور الذي لعبه عمار سعداني لصالح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في مواجهة "جماعة توفيق".


 بن قرينة: الوجه الجديد للداعم السياسي


عبد القادر بن قرينة، زعيم حركة البناء الوطني، يتصدر اليوم المشهد كواحد من أبرز المدافعين عن الرئيس عبد المجيد تبون. بن قرينة، الذي سبق وأن نافس تبون في الانتخابات الرئاسية لعام 2019، يبدو اليوم في موقف المدافع والمساند للرئيس ضد ما يُعتقد أنها قوى معارضة داخل النظام، والتي يُشار إليها بـ"جماعة توفيق"، في إشارة إلى الجنرال محمد مدين المعروف بتوفيق، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات.


بن قرينة ليس أول من يلعب هذا الدور. ففي عهد بوتفليقة، كان عمار سعداني، الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، يتولى مهمة الدفاع عن الرئيس ومهاجمة خصومه داخل النظام. سعداني كان معروفًا بلهجته الحادة وتصريحاته المثيرة للجدل التي كانت تستهدف "جماعة توفيق"، والتي كانت تعتبر من أقوى الفصائل داخل النظام الجزائري.


 تشابه الأدوار: بين سعداني وبن قرينة


هناك العديد من التشابهات بين الدورين. أولًا، كلا الرجلين ينتمي إلى نفس المدرسة السياسية التي تقتضي مساندة الرئيس في مواجهة خصومه داخل النظام. هذه المدرسة تعتمد على فكرة أن الرئيس هو رمز الاستقرار والوحدة، وأي معارضة له تعتبر معارضة للدولة نفسها.


ثانيًا، سعداني وبن قرينة يشتركان في الأسلوب ذاته، حيث يستخدمان خطابًا مباشرًا وصريحًا في مواجهة خصوم الرئيس. سعداني كان معروفًا بعدم تردده في تسمية الأسماء بشكل مباشر، وهو نفس الأسلوب الذي يتبعه بن قرينة اليوم.


ثالثًا، الدور الذي يلعبه بن قرينة يتيح له مكانة متميزة في المشهد السياسي. مثلما كان الحال مع سعداني، فإن الدفاع عن الرئيس يمنح بن قرينة فرصة لتعزيز نفوذه السياسي وتأمين موقعه كأحد الفاعلين الرئيسيين في السلطة.


 السياق السياسي: اختلاف الزمن وتشابه الظروف


رغم التشابهات في الأدوار، إلا أن هناك اختلافات جوهرية في السياق السياسي بين فترة حكم بوتفليقة والمرحلة الحالية تحت قيادة تبون. عهد بوتفليقة كان يتميز بقبضة حديدية على السلطة، حيث كان النظام يعتمد على تحالف قوي بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية. أما في عهد تبون، فالساحة السياسية تبدو أكثر تعقيدًا مع ظهور قوى جديدة وصراعات داخلية.


ومع ذلك، يبقى القاسم المشترك هو الصراع على السلطة داخل النظام. مثلما كان الحال مع بوتفليقة، يواجه تبون اليوم تحديات من داخل النظام نفسه. وهذه التحديات تأتي من فصائل تعتبر نفسها حامية للنظام التقليدي، وهو ما يضع بن قرينة في موقف المدافع عن الرئيس في مواجهة هذه الفصائل.


 الدور المستقبلي لبن قرينة


السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى متى سيستمر بن قرينة في هذا الدور؟ وهل سيستطيع أن يحافظ على موقعه كحليف للرئيس تبون في ظل التغيرات المستمرة في المشهد السياسي؟ التاريخ يعلمنا أن الأدوار السياسية ليست دائمة، وأن من كانوا حلفاء الأمس يمكن أن يصبحوا خصوم الغد.


إلا أن بن قرينة يبدو اليوم مصممًا على الاستمرار في لعب هذا الدور، ربما لأنه يرى في تبون الزعيم الذي يمكنه قيادة البلاد في هذه المرحلة الحرجة، أو ربما لأنه يدرك أن دعمه للرئيس يعزز من موقعه داخل النظام.

 السياسة الجزائرية ومسلسل الأدوار المتكررة


في النهاية، يمكن القول أن السياسة في الجزائر تظل ساحة للصراع بين القوى المختلفة داخل النظام. وبينما تتغير الوجوه والأسماء، تبقى الأدوار نفسها تتكرر. بن قرينة اليوم هو سعداني الأمس، وكما كان سعداني حليفًا لبوتفليقة، فإن بن قرينة يقف اليوم في صف تبون. ويبقى السؤال الأهم: هل سيستمر هذا التحالف، أم أن السياسة الجزائرية ستفاجئنا بتغيرات جديدة كما عودتنا دائمًا؟




نوت بريس
الكاتب :