"وفروا فرص الشغل للشباب والشابات عوض تبذير الملايير في المهرجانات"
رسالة إلى رؤساء الجماعات المحلية، العمال، القواد، البشاوات، رؤساء المجالس، رؤساء الجهات ووزارة الداخلية
في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة التي يعيشها المجتمع المغربي، تزداد الحاجة إلى إعادة ترتيب الأولويات الوطنية، خصوصاً في ظل التنامي المستمر لمعدلات البطالة بين الشباب والشابات. بينما نشهد تبديدًا للميزانيات الضخمة على تنظيم المهرجانات والاحتفالات، فإن الشارع المغربي يطرح تساؤلات ملحة: أين دور المسؤولين في توفير فرص العمل التي تشكل عصب الحياة للمواطنين؟ وهل يَعدّ تنظيم مهرجان لبضعة أيام أكثر أهمية من تأمين مستقبل الآلاف من الشباب الذين يعانون من البطالة؟
هدر المال العام في المهرجانات: بين الضرورة الثقافية والمصلحة العامة
على مدى السنوات الأخيرة، باتت المهرجانات سمة بارزة في العديد من المدن والقرى المغربية، وهي تُروج غالباً كوسيلة لتعزيز السياحة وإحياء التراث الثقافي المحلي. لكن هذه الفعاليات تتطلب ميزانيات ضخمة تُستنزف من الخزينة العامة، ما يثير تساؤلات حول جدواها مقارنة بالاحتياجات الأساسية للسكان.
في مناطق تعاني من الفقر والتهميش، تُنظم مهرجانات تستقطب فنانين دوليين، مما يثير استياء المواطنين الذين يرون أن هذه المهرجانات ليست سوى وسيلة لتحويل الأنظار عن المشاكل الحقيقية التي يعانون منها. فهل تسهم هذه المهرجانات فعلاً في تحسين حياة السكان أم أنها مجرد تبذير لأموال عامة كان من الممكن استثمارها في مشاريع ذات فائدة طويلة الأمد؟
البطالة: التحدي الأكبر الذي ينتظر الحل
البطالة، خاصة بين الشباب، تشكل أحد أخطر التحديات التي تواجه المغرب اليوم. الآلاف من الشباب يتخرجون سنويًا من الجامعات والمعاهد ليجدوا أنفسهم أمام أبواب مغلقة بسبب قلة الفرص المتاحة. هذا الوضع يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية، بما في ذلك الفقر والتهميش والاضطرابات الاجتماعية.
بدلاً من توجيه الأموال نحو خلق فرص عمل مستدامة، يتم إنفاقها على فعاليات مؤقتة لا تترك أثراً إيجابياً طويل الأمد. مثل هذه الممارسات تزيد من شعور الاستياء والإحباط بين الشباب الذين يرون في هذه المهرجانات مثالاً صارخًا على تبذير المال العام.
دور المسؤولين في إحداث التغيير
المسؤولون المحليون والجهويون، من رؤساء الجماعات المحلية إلى العمال والقواد والبشاوات ورؤساء المجالس والجهات، ملزمون بخدمة مصالح المواطنين الذين انتخبوهم. من الضروري أن يدرك هؤلاء المسؤولون أن دورهم لا يقتصر على تنظيم فعاليات ترفيهية، بل يتعداه إلى توفير أساسيات العيش الكريم، وفي مقدمتها فرص الشغل.
يتعين على وزارة الداخلية التي تشرف على تسيير الجماعات المحلية، أن تضع سياسات تنموية تركز على تقليص معدلات البطالة وتشجيع الابتكار والعمل بين الشباب. بدلاً من توجيه الأموال العامة نحو مهرجانات عابرة، يجب أن تُستخدم لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتأهيل الشباب وتدريبهم على المهارات التي تتوافق مع احتياجات سوق العمل.
هذه هي الطريقة التي يمكن بها سرقة المال العام
عندما نتحدث عن تبديد الأموال العامة في تنظيم المهرجانات والاحتفالات الضخمة، فإننا نتطرق إلى شكل من أشكال الفساد الذي يفتح الباب أمام سرقة المال العام. كيف يحدث ذلك؟ فيما يلي بعض الأساليب التي يمكن أن تُستخدم لسرقة المال العام تحت غطاء هذه الفعاليات.
التلاعب في تكاليف التنظيم
عند تخصيص ميزانيات ضخمة لتنظيم مهرجانات، يتم غالباً التعاقد مع شركات خاصة لتنفيذ الفعالية. في هذه العملية، قد تتورط بعض الجهات في تضخيم تكاليف الخدمات المطلوبة مثل الإضاءة، الصوت، الأمن، والتجهيزات اللوجستية. ويزيد الطين بلة عندما تكون هذه الشركات مملوكة لأشخاص مرتبطين بالمسؤولين، مما يسهل عملية تضخيم الفواتير وتقديم خدمات بأسعار مبالغ فيها لتحقيق مكاسب شخصية.
إسناد الصفقات العمومية بطرق ملتوية
إسناد صفقات تنظيم المهرجانات قد يتم بطرق غير شفافة، حيث تُمنح هذه الصفقات لشركات معينة دون احترام معايير التنافسية والشفافية. يمكن أن يحدث ذلك عبر التفاوض المباشر بدلاً من المناقصات المفتوحة، مما يتيح التلاعب في العقود وتحويل الأموال العامة إلى حسابات خاصة.
التلاعب في أعداد الحضور والمبيعات
في بعض الأحيان، يتم التلاعب في أعداد تذاكر الحضور والمبيعات المتعلقة بالمهرجان. يمكن تضخيم أرقام الحضور لتحقيق أرباح غير مستحقة، أو التلاعب في إيرادات المبيعات لجني مكاسب شخصية، بالتواطؤ بين المسؤولين ومنظمي المهرجان لتقسيم الأرباح بينهم.
تتحمل الجماعات المحلية نفقات ضخمة لتأمين المهرجانات، مثل تغطية تكاليف الأمن والنقل والنظافة. بعض هذه النفقات لا تُسجل بدقة، مما يفتح المجال لاختلاس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، قد يتم استغلال موظفي القطاع العام في تنظيم الفعالية خارج أوقات عملهم الرسمية دون تعويض عادل، مما يشكل استنزافًا للموارد البشرية.
الحلول الممكنة
لمعالجة هذه التحديات، يجب توجيه الأموال المخصصة للمهرجانات نحو مشاريع أكثر استدامة. إنشاء مراكز تدريب مهني لتأهيل الشباب، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية، كلها خطوات ضرورية لخلق فرص عمل حقيقية.
الرقابة والمحاسبة لضمان الشفافية
سرقة المال العام تحت غطاء المهرجانات ليست مجرد إهدار للموارد، بل جريمة في حق الوطن والمواطنين. من الضروري تعزيز الرقابة المالية والإدارية على كل مراحل تنظيم الفعاليات، من تخطيط الميزانية إلى إسناد الصفقات والتدقيق في النفقات. يجب أن تكون هناك آليات صارمة للمحاسبة لضمان أن المال العام يُنفق فيما يخدم المصلحة العامة.
في النهاية، يجب أن يكون توفير فرص الشغل للشباب والشابات هو الأولوية القصوى، وأن نكون جميعًا حراسًا على المال العام لضمان استثماره في بناء مستقبل أفضل لكل المغاربة. استنزاف الموارد العامة
