في تطور جديد يعكس التوترات المتزايدة بين الجزائر ومالي، أثار الإعلام الجزائري مؤخراً ضجةً واسعةً حول نية الجزائر تقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي لفرض منطقة حظر جوي في شمال مالي. وفقاً للتقارير، فإن الجزائر تسعى من خلال هذا الطلب إلى منع الطائرات الماليّة والطائرات المسيرة من تنفيذ عمليات قصف مكثف على المناطق التي تسيطر عليها حركة الأزواد. هذا التحرك الدبلوماسي يأتي في سياق أوسع من التصعيد والتوتر بين البلدين.
أثار الإعلان الجزائري ردود فعل حادة من الحكومة المالية، التي وصفت الطلب الجزائري بـ "العمل الجبان". تتهم مالي الجزائر بأنها تحاول تنفيذ مخطط قديم لتقسيم البلاد، مشيرة إلى أنها قد تكون تسعى للسيطرة على مناطق حدودية غنية بالثروات. كما يشير الخبراء الماليون إلى أن الجزائر قد حصلت على وعود من حركة الأزواد التي تسيطر على شمال مالي، للسماح للجيش الجزائري بإقامة قواعد عسكرية في تلك المناطق، وهو ما يعتبره الكثيرون محاولة للتمدد الإقليمي تحت ستار الدعم الإنساني.
في الأثناء، استغل السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة المنصة لتوجيه اتهامات ضمنية ضد الجيش المالي وقوات المرتزقة الروس المعروفين بـ "فاغنر"، متحدثاً عن المجازر التي ترتكب ضد المدنيين في شمال مالي. ومع ذلك، نفت الحكومة المالية هذه الاتهامات بشدة، وردت باتهام الجزائر بالغدر والطعن من الخلف.
الموقف تدهور أكثر عندما نشرت وسائل الإعلام المالية تقارير وصوراً لجنود جزائريين مزعومين وهم يستهدفون الهاربين من مناطق النزاع، متهمين الجزائر بالاعتداء على اللاجئين الفارين من جحيم المعارك. الصور التي نشرت أظهرت أفراداً مسلحين منسوبين للجيش الجزائري وهم يوجهون الأسلحة نحو الهاربين، وهو ما قوبل بانتقادات شديدة من قبل الإعلام المالي.
من جانبهم، استجاب النشطاء الجزائريون للحملة الإعلامية المالية بترويج أخبار موازية، حيث اختلق البعض قصصاً عن "ملاحم" للجيش الجزائري، مثل حادثة اعتراض مقاتلة جزائرية لطائرة مسيرة مالية. رغم أن هذه الروايات تفتقر إلى الأدلة الملموسة، فقد ساهمت في تأجيج مشاعر الوطنية والحماسة بين الجزائريين. لكن هذا النوع من الأخبار يمكن أن يكون مضللاً، حيث أن سرعة الطائرات المقاتلة تجعلها غير قادرة على اعتراض الطائرات المسيرة بشكل فعال، وأي محاولة من هذا القبيل قد تعتبر انتهاكاً للأجواء المالية.
في هذا السياق، تظل العلاقات بين الجزائر ومالي متوترة بشكل متزايد، وسط تبادل الاتهامات والتحليلات المتضاربة. تصاعد هذه الأزمة يعكس تحديات كبيرة في العلاقات بين الدولتين، ويثير القلق من احتمال تفاقم النزاع في المنطقة.
