خلال زيارته الأخيرة إلى ولاية جانت في قلب الصحراء الكبرى، أطلق الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وعوداً عديدة بدت وكأنها خيوط من الأمل المعلق، حيث أكد أن بقاءه في الحكم يرتكز على استكمال مشروعه الوطني. ورغم أن تبون هو المرشح الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أن زيارته أثارت تساؤلات واسعة حول جدوى تلك الوعود في ظل الأوضاع الحالية.
تحدث تبون عن مشاريع اقتصادية واجتماعية كبيرة ستُنجز في الجنوب، ومنها إنشاء مناطق حرة، وهي وعودٌ توحي بالكثير من الأمل، لكنها في ذات الوقت تثير تساؤلات حول إمكانية تحقيقها. تأتي هذه التصريحات في وقت تعاني فيه الجزائر من تردي الخدمات الأساسية في العديد من المناطق، حيث تفشى البطالة ونقص البنية التحتية الأساسية، على الرغم من الإمكانيات المادية التي تمتلكها البلاد.
خلال الاجتماع الذي حضره العديد من أعيان وقيادات قبلية ومشايخ زوايا من مناطق مختلفة مثل الهقار والتيديكلت وتوات وآزجر، بالإضافة إلى مساندين من أدرار وإليزي، ألقى تبون كلمة شملت مدحاً للمناطق الجنوبية واعتزازاً بكونه موجوداً بين أهلها. وقد ارتدى اللباس التقليدي المحلي "البازان"، وزينت القاعة بصوره وشعارات تدعمه، مما أضاف طابعاً محلياً على الاجتماع.
أشار تبون إلى الإنجازات التي حققها خلال عهدته الأولى، مثل صناعة اللقاح الوطني خلال الأزمة الصحية ومواجهة ما وصفه بـ"العصابة". إلا أن الرئيس الجزائري لم يغفل الإشارة إلى التحديات التي واجهها، كالأزمة الاقتصادية والديون، مؤكداً أن الجزائر تحاول منذ عامين ونصف أن تستعيد عافيتها.
إلا أن الشارع الجزائري لا يزال يرى أن الوعود المقدمة قد تكون مجرد شعارات انتخابية، نظراً لتدهور الأوضاع الاجتماعية في البلاد، وما دفع العديد من الشباب إلى الهجرة بحثاً عن فرص أفضل. ويدعو تبون في خطابه إلى تقييم أداء الرئيس بناءً على الالتزامات المكتوبة وليس الوعود فقط، مؤكداً أن الجزائر تدافع عن مصالح دول الجوار مثل النيجر وليبيا وتدعم القضايا الفلسطينية والجمهورية الصحراوية.
في ظل تراجع التأثير الجزائري في القارة الإفريقية وزيادة العزلة الدبلوماسية للبلاد، يسعى تبون إلى تعزيز دعمه من خلال وعوده للمناطق الجنوبية. ومع ذلك، يبدو أن هناك حاجة ماسة لخطوات عملية ملموسة تعكس جدية في تنفيذ المشاريع التنموية، بدلاً من الاعتماد على وعود قد لا تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي.
الاستمرار في تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق المهمشة يتطلب أكثر من مجرد تصريحات وخطط غير محددة. إن الأمل في تحقيق هذه الوعود يتطلب عملاً حقيقياً وتفعيلاً للأهداف المعلنة، بما يساهم في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.
