في خطوة مهمة على الساحة السياسية التونسية، قررت المحكمة الإدارية التونسية يوم الخميس قبول الطعن الذي قدمه المرشح الرئاسي والوزير الأسبق منذر الزنايدي، وذلك بعد استبعاده من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. هذا القرار يمثل انتصارًا قضائيًا للزنايدي، حيث يعد القرار الثاني من نوعه بعد أن أعادت المحكمة الوزير الأسبق عبداللطيف المكي إلى السباق الانتخابي.
ووفقًا لما ذكره الناطق باسم المحكمة الإدارية، فيصل بوقرة، لإذاعة موزاييك، فإن الجلسة العامة للمحكمة نظرت في الطعن المقدم من الزنايدي في إطار الطور الثاني للتقاضي بخصوص نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية 2024، وقررت قبول الطعن من حيث الشكل والمضمون، وإلغاء قرار هيئة الانتخابات السابق، مما يسمح للزنايدي بالعودة إلى السباق الرئاسي.
وكانت هيئة الانتخابات قد رفضت ملف ترشح الزنايدي، الذي يعيش في فرنسا ويحظى بشعبية نسبية، بسبب مخالفات في قائمة التزكيات، مما أدى إلى تأييد المحكمة الإدارية لهذا القرار في حكمها الأولي ورفض الطعون المقدمة.
وفي سياق آخر متصل بالانتخابات الرئاسية، دعا المرشح الرئاسي والأمين العام لحركة الشعب القومية، زهير المغزاوي، إلى تنظيم مناظرة تلفزيونية تجمع بين المرشحين الثلاثة المقبولين لخوض السباق الرئاسي. جاءت دعوة المغزاوي خلال مؤتمر صحفي عقدته حملته الانتخابية في العاصمة تونس. وقد أشار إلى أن المناظرة تعد تقليدًا ديمقراطيًا معمولًا به في جميع دول العالم، حيث يُقدم الرئيس المنتهية ولايته حصيلة حكمه، فيما يعرض المرشحون الآخرون برامجهم الانتخابية.
وتجدر الإشارة إلى أن هيئة الانتخابات التونسية قد أعلنت قبول ملفات ثلاثة مرشحين فقط من بين 17 ملفًا مقدمًا، وهم الرئيس الحالي قيس سعيد، وزهير المغزاوي، ورئيس حركة "عازمون" عياشي زمال. وفي هذا السياق، شدد المغزاوي على ضرورة عدم الالتفاف على المناظرة، مؤكدًا أن هيئة الانتخابات نصت عليها وأنه يحملها المسؤولية في حال عدم إجرائها.
كما انتقد المغزاوي التعديلات الوزارية الأخيرة التي أجراها الرئيس قيس سعيد، مشيرًا إلى أنها لن تؤدي إلى أي تغيير ملموس، بل أثبتت أن الرئيس المنتهية ولايته لا يحسن اختيار الكفاءات المناسبة. واعتبر المغزاوي أن هذه التعديلات تهدف إلى إيهام الشعب بأن فشل الحكومة السابقة هو المسؤول الوحيد عن الوضع الراهن، في حين أن المسؤولية تقع على عاتق الرئيس نفسه.
وفي سياق آخر، تحدث المغزاوي عن تغير موقف حركة الشعب تجاه قرارات 25 يوليو/تموز 2021 التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، والتي شملت حلّ مجلسي القضاء والنواب، وإقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة. وأوضح المغزاوي أن الحركة كانت تتوسم خيرًا في الرئيس سعيد، إلا أن الأوضاع لم تتحسن، مما دفع الحركة إلى الترشح للانتخابات الرئاسية اعتقادًا منها بقدرتها على تحقيق إنجازات ملموسة للمستقبل.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى المشهد السياسي التونسي معقدًا، خاصة مع انسحاب جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة، من الانتخابات، معتبرة أن "شروط التنافس العادل" غير متوفرة. ورغم ذلك، تؤكد السلطات التونسية أن الانتخابات المقبلة ستكون نزيهة وشفافة، في ظل استمرار الانقسام بين القوى السياسية حول شرعية الإجراءات التي اتخذها الرئيس سعيد منذ 25 يوليو 2021، والتي يراها البعض "تصحيحًا لمسار الثورة"، بينما يعتبرها آخرون "انقلابًا على دستور الثورة" وتكريسًا لحكم فردي مطلق.
