الفساد واستغلال المعاناة: مأساة زلزال الحوز وسرقة المساعدات الإنسانية

data:post.title


"حسبي الله ونعم الوكيل"، كلمات تعبر عن شعور بالإحباط والغضب الذي يجتاح نفوس العديد من المغاربة اليوم. زلزال الحوز، الذي هزّ البلاد وخلّف دماراً واسعاً وألماً عميقاً في نفوس سكان المنطقة، لم يمرّ دون أن يكشف عن وجه آخر للفساد وسوء الإدارة في المغرب. في وقتٍ يفترض أن تتكاتف فيه الجهود لإغاثة المنكوبين، تفجرت الاتهامات حول سرقة الأموال والمساعدات الإنسانية من قبل بعض المسؤولين. هذا الأمر أثار موجة من الغضب والاحتجاجات على مستوى واسع في البلاد، حيث يشعر المواطنون بأن العدالة غائبة والمساءلة محدودة.

 خلفية الزلزال والمساعدات الإنسانية

في عام 2023، ضرب زلزال مدمر منطقة الحوز، متسبباً في خسائر بشرية ومادية هائلة. على إثر هذا الزلزال، بدأت الحكومة المغربية، بالإضافة إلى منظمات دولية ومحلية، في إرسال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المناطق المتضررة. المساعدات شملت مواد غذائية، خيام، أدوية، وأموال لإعادة إعمار المنازل والبنى التحتية. هذه المساعدات كانت تهدف لتخفيف المعاناة عن المواطنين الذين فقدوا كل شيء بين عشية وضحاها.

 تهم الفساد وسرقة المساعدات

لكن، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بُذلت، ظهرت تقارير تشير إلى أن جزءاً كبيراً من هذه المساعدات لم يصل إلى المستفيدين المستحقين. وبدلاً من ذلك، استغل بعض المسؤولين الوضع لمصلحتهم الشخصية، حيث تم تحويل أموال المساعدات إلى حسابات خاصة أو تم التلاعب في توزيع المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية.

مصادر متعددة أكدت أن العديد من الأسر ما زالت تعيش في خيام مؤقتة رغم مرور عام كامل على الزلزال، بينما يلاحظ المواطنون أن أموال المساعدات تُستخدم في تنظيم مهرجانات وسهرات، مما يزيد من مشاعر الإحباط والغضب لدى المتضررين. هذه السهرات والمهرجانات، التي تُقام بمبالغ طائلة، تُعتبر من قبل كثيرين دليلاً صارخاً على الأولويات المشوهة لبعض المسؤولين الذين يفضلون الترفيه والظهور الإعلامي على حساب تقديم المساعدة الحقيقية للمنكوبين.

 ردود الفعل العامة

السخط العام تزايد بشكل ملحوظ مع انتشار هذه الأخبار. في الشوارع، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت الدعوات لمحاسبة المسؤولين والمتورطين في سرقة المساعدات تتزايد. شعارات مثل "أين النيابة العامة؟" و"أين هو العدل؟" أصبحت تتردد بشكل يومي، مع تساؤلات مشروعة حول غياب المساءلة والرقابة على عملية توزيع المساعدات.

أمام هذا الوضع، أصبح المواطن المغربي يشعر بالخذلان من قبل الدولة، خاصة وأن النيابة العامة لم تحرك ساكناً بشكل جدي للتحقيق في هذه الادعاءات. غياب العدالة ومحاسبة الفاسدين يزيد من انعدام الثقة بين الشعب والحكومة، ويعزز الشعور بأن الفساد أصبح جزءاً من منظومة الحكم.

النيابة العامة ودورها الغائب

في مواجهة هذه الاتهامات، كان من المفترض أن تقوم النيابة العامة بدور فعال في التحقيق وملاحقة المتورطين. لكن حتى الآن، لم تصدر أي إجراءات قانونية ملموسة تجاه المسؤولين المشبوهين. هذا الصمت الرسمي يُفسر من قبل البعض على أنه تواطؤ أو على الأقل تقصير فادح في أداء الواجب الوطني. 

يبقى السؤال المطروح: أين هو العدل؟ كيف يمكن للمنظومة القضائية في المغرب أن تسمح بمثل هذا التجاوزات دون تدخل سريع وحاسم؟ هذه التساؤلات تحمل في طياتها مشاعر إحباط وخيبة أمل في قدرة الدولة على حماية حقوق مواطنيها.

 دعوات للإصلاح والمحاسبة

في ضوء هذه التطورات، تتزايد الدعوات لإصلاحات جذرية في النظام السياسي والإداري بالمغرب. المواطنون يطالبون بمزيد من الشفافية في إدارة الأموال العامة، وبإنشاء آليات رقابة فعالة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها. كما يُطالبون بمحاكمة كل من يثبت تورطه في سرقة أو استغلال أموال المساعدات.

من جهة أخرى، تبرز الحاجة إلى تفعيل دور المجتمع المدني في مراقبة توزيع المساعدات والضغط على السلطات للتحرك بسرعة وفعالية. المنظمات الحقوقية المحلية والدولية مدعوة للعب دور أكبر في فضح هذه الممارسات والمطالبة بالعدالة للمتضررين.

تظل قضية زلزال الحوز وسرقة المساعدات الإنسانية مثالاً صارخاً على التحديات التي يواجهها المغرب في مكافحة الفساد وتحقيق العدالة. في وقتٍ يحتاج فيه الوطن إلى تكاتف الجميع، يجب أن تكون الأولوية لتقديم المساعدة الحقيقية للمتضررين ومحاسبة الفاسدين. العدالة يجب أن تكون فوق الجميع، والمسؤولية تقع على عاتق الدولة في ضمان أن تصل المساعدات إلى مستحقيها دون تلاعب أو استغلال. الشعب المغربي يستحق الأفضل، ويستحق أن يعيش في وطنٍ يُحترم فيه القانون وتُصان فيه كرامة الإنسان. 

نوت بريس
الكاتب :