"الجزائر وشبكات اللوبي الإسرائيلي: أسرار الاتفاق السري وتسريبات "جون أفريك" – خيانة أم ضرورات سياسية؟"

data:post.title

في فضيحة سياسية من العيار الثقيل، فجرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية وثائق سرية تكشف عن توقيع اتفاق غير معلن بين الحكومة الجزائرية وشبكة لوبينغ إسرائيلية-أمريكية BGR GROUP. الاتفاق، الذي أثار ضجة كبيرة على المستويين المحلي والدولي، يُثير تساؤلات حول التحولات الكبيرة في السياسة الجزائرية، خاصة فيما يتعلق بعلاقاتها مع روسيا والولايات المتحدة، ويطرح تساؤلات حول مدى تورط الجزائر في علاقات مشبوهة مع جماعات تدعم إسرائيل في أمريكا.

 السياق السياسي:

منذ سنوات، تحافظ الجزائر على موقف صارم تجاه إسرائيل، حيث تتبنى سياسات داعمة للقضية الفلسطينية، وتعتبر نفسها جزءًا من محور المقاومة في المنطقة. غير أن هذه التسريبات تكشف عن تحول دراماتيكي في السياسة الخارجية الجزائرية، إذ تورطت في عقد مع مجموعة BGR GROUP، وهي شركة متخصصة في تحسين صورة إسرائيل في الولايات المتحدة.

العقد الذي وُقع في 3 سبتمبر 2024، ودخل حيز التنفيذ في 10 من نفس الشهر، يثير تساؤلات حول أهداف الجزائر من وراء هذه الخطوة. من الواضح أن التحولات الجيوسياسية العالمية والضغط الروسي على الجزائر دفعا النظام الجزائري إلى البحث عن حلفاء جدد، وإن كان ذلك يتطلب تقديم تنازلات غير مسبوقة.

 فحوى الاتفاق:

الوثائق التي تم تسريبها تشير إلى أن الاتفاق ينص على دفع الجزائر ما قيمته مليون ونصف دولار سنويًا لمجموعة BGR GROUP، منها 720 ألف دولار كرسوم خدمات، والباقي عبارة عن متغيرات ستتحملها الخارجية الجزائرية. هذا الاتفاق يأتي في وقت تعاني فيه الجزائر من تدهور العلاقات مع روسيا، التي منعت عنها قطع الغيار العسكرية وعرقلت بعض المشاريع العسكرية المشتركة.

وتشير الوثائق أيضًا إلى أن الجزائر تواجه ضغوطًا متزايدة في المحافل الدولية، كان آخرها منع وفدها من المشاركة كمراقب في قمة BRICS بالصين، رغم مساهمتها بمليار ونصف دولار في بنك المجموعة.

 انعكاسات الاتفاق على العلاقات الجزائرية الفلسطينية:

الخطوة الجزائرية أثارت غضبًا شعبيًا واسعًا، خاصة بين الجزائريين الذين يرون في هذه الخطوة خيانة للموقف الثابت تجاه فلسطين. النشطاء الفلسطينيون والعرب عبروا عن استيائهم من تمويل الجزائر لجماعات الضغط التي تسعى لتحسين صورة إسرائيل، مما يجعل الاتفاق بمثابة دعم غير مباشر لإسرائيل.

الضرورات السياسية:

في المقابل، يرى البعض أن الجزائر اضطرت لإعادة النظر في تحالفاتها، خصوصًا بعد أن وجدت نفسها في موقف حرج مع روسيا التي كانت شريكًا استراتيجيًا لها لعقود. العقوبات غير المعلنة التي فرضتها موسكو على الجزائر دفعت الأخيرة إلى البحث عن بديل، ولو كان ذلك عبر التقارب مع واشنطن باستخدام شبكات اللوبي الإسرائيلي.

 تسريب الوثائق وأهداف فرنسا:

هنا يبرز السؤال الكبير: لماذا قامت فرنسا بتسريب هذه الوثائق في هذا التوقيت؟ يمكن تفسير ذلك برغبة باريس في زعزعة الاستقرار الداخلي في الجزائر أو إضعاف موقفها الدولي. العلاقات الجزائرية الفرنسية متوترة منذ فترة طويلة، خصوصًا بعد تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المتعلقة بالاستعمار الفرنسي.

التسريبات الأخيرة حول الاتفاق السري بين الجزائر ومجموعة BGR GROUP تفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول السياسة الخارجية الجزائرية والتحولات الكبرى التي تشهدها. وبينما يرى البعض أن هذه الخطوة اضطرارية، يراها آخرون خيانة لمبادئ الجزائر الراسخة. في النهاية، تبقى الإجابة على السؤال حول أهداف فرنسا من هذا التسريب رهينة بمزيد من التحليلات والحقائق التي قد تظهر في المستقبل القريب. 

نوت بريس
الكاتب :